نشاط المرصد

التقرير الأوّلي لتنسيقية شاهد حول الانتخابات التشريعية 26 أكتوبر

حرصا على مراقبة الانتخابات التشريعية 2014 في كل الدوائر الانتخابية داخل البلاد عقد مرصد شاهد العديد من الشراكات بالأساس مع الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري إضافة إلى عديد الجمعيات وذلك تحت يافطة “تنسيقية شاهد” التي نشرت 2443 ملاحظ و 70 منسقا جهويا في كل الدوائر الانتخابية يوم الاقتراع .
وقد إستفادت تنسيقية شاهد من خبرات المعهد الديمقراطي الوطني NDI في مجال تدريب المدربين لملاحظي الإنتخابات وكذلك مركز كارتر بخصوص تدريب الملاحظين على المدى الطويل ومنظمة DRI وجمعيات أخرى بخصوص صياغة 75 توصية بخصوص القانون اللإنتخابي رفعت للمجلس الوطني التأسيسي.
وقد تمت متابعة المسار الانتخابي منذ وضع النص القانوني المنظم للعملية الإنتخابية إلى مرحلة الاقتراع والفرز.
الاطار القانوني:
لعل من أهم المكاسب بعد الثورة أن الانتخابات لم تعد تجري تحت إشراف السلطة التنفيذية وتحديدا وزارة الداخلية بل إن العملية الانتخابية برمتها أصبحت موكولة إلى هيئة دستورية دائمة وهي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي أرساها الفصل 126 من دستور الجمهورية الثانية.
وقد أحدثت الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات بموجب القانون الأساسي عـــــ23ـــــدد لسنة 2012 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012.
وقد أجريت الانتخابات التشريعية 26 أكتوبر 2014 في ظل القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 مؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالإنتخابات والإستفتاء والصادر عن المجلس الوطني التأسيسي وكذلك المرسوم الصادر بتاريخ 02/11/2011 تحت عدد 116 والمحدث للهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي والبصري.
وإن كان الإطار القانوني الذي أجريت في ظله الانتخابات التشريعية يوفر الحد الأدنى لإجراء انتخابات تعددية ونزيهة وشفافة وفقا للمعايير الدولية إلا أنه وفي ظل الأزمة السياسية التي عرفتها البلاد سنة 2013 وضرورة إجراء الانتخابات سنة 2014 وفقا للأحكام الانتقالية للدستور فإن القانون الانتخابي شابه العديد من النقائص والثغرات والتي ستقدم في شأنها توصيات للمجلس التشريعي القادم ولعل من أهم النقائص ترحيل العديد من المسائل الجوهرية إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي أصبحت في نفس الوقت مشرعا ومنظما للانتخابات.
الادارة الانتخابية:
لقد تم اختيار أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتوافق واسع من قبل كل الكتل الممثلة في المجلس الوطني التأسيسي وذلك على أساس الكفاءة والحياد والاستقلالية وهي نفس المعايير التي اعتمدتها الهيئة لاختيار مختلف الهيئات الفرعية بعد فتح باب الترشحات لها ثم فتح آجال الطعون في شأن المترشحين .

ولابد من الاشارة بأن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عملت منذ تركيزها تحت ضغط الوقت وضغط السياسيين والمجتمع المدني والإعلام ووصل الأمر إلى حد التشكيك في حيادها واستقلاليتها إلا أن موقف تنسيقية شاهد كان واضحا منذ البداية وهو الدعم الإيجابي للهيئة أي نقدها ولفت نظرها كلما استوجب الأمر ذلك دون التشكيك في نزاهتها وما يمكن التأكيد عليه بالنسبة للانتخابات القادمة أن يكون القانون الانتخابي منظما لكل تفاصيل العملية الانتخابية حتى لا تصبح الهيئة مشرّعا و عرضة للضغط من عدة جهات ولعل من أهم النقائص التي لاحظتها تنسيقية شاهد في عمل الهيئة هو عدم نشر محاضر مداولات مجلس الهيئة على موقعها الالكتروني وبالرائد الرسمي للجمهورية التونسية مثلما يقتضيه القانون المحدث للهيئة وهو ما يعدّ ضربا لمبدأ الشفافية وكذلك ترددها في الحسم في بعض المسائل وتراجعها عن بعض القرارات إلا أنه واعتبارا للظروف الخاصة التي عملت فيها الهيئة فإنه يمكن القول بأنها كانت في مستوى المسؤولية المناطة بعهدتها سيما وأنها كانت ملزمة بإجراء ثلاث دورات انتخابية (التشريعية والرئاسية بدورتيها)متقاربة بل متداخلة في حيز زمني وجيز.
عملية التسجيل:
ينص الفصل 34 من الدستور على أن حقوق الاقتراع والترشح مضمونة طبق ما يضبطه القانون وتعمل الدولة على ضمان تمثيلية المرأة في المجالس المنتخبة .
وقد اقتضى الفصل 7 من القانون الانتخابي “تمسك الهيئة سجل الناخبين وتتولى ضبطه انطلاقا من آخر تحيين له ويتم الترسيم بسجل الناخبين إراديا وتعمل الهيئة على أن يكون سجل الناخبين دقيقا وشفافا وشاملا ومحينا”.
وتعتبر عملية التسجيل أولى الخطوات الأساسية لنجاح المسار الانتخابي بما تضمنه من حق كل مواطن في الاقتراع إلا بعض الاستثناءات التي ضبطها القانون الانتخابي والمتعلقة بالأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة تكميلية تحرمهم من ممارسة حق الانتخاب وكذلك العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والأشخاص المحجور عليهم لجنون مطبق طيلة مدة الحجر (الفصل 6 من القانون الانتخابي).
وقامت الهيئة بعمل مضن لضبط سجل الناخبين وتحيينه.
وقد فتحت الهيئة فترة التسجيل من 23/6 إلى 22/07/2014 ومددتها لاسبوع تفاعلا مع مكونات المجتمع المدني والأحزاب السياسية نظرا لضعف الإقبال ثم قررت الهيئة فتح فترة تسجيل ثانية من 05 إلى 26/08/2014 لتمكين أكبر عدد ممكن من المواطنين من التسجيل وكذلك الشبان الذين سيبلغون سن 18 عاما بين تاريخ إجراء الانتخابات التشريعية (26/10/2014) والرئاسية (23/11/2014).

وقد رصدنا بواسطة ملاحظينا عند نهاية فترة التسجيل بعض الاخلالات تمثلت بالخصوص في عدم فتح بعض مكاتب التسجيل وعددها 126 في اليوم الأول أو بعد الوقت المحدد خاصة في الأسبوع الأول من بدئ عملية التسجيل كما سجلنا بعض المشاكل اللوجيستية في الأسبوع الأول مثل بطئ في المنظومة الإعلامية وعدم توفر المعدات اللازمة (حواسيب – أنترنت – هواتف – وصولات – طابعة). وأدى ذلك إلى ضعف الاقبال على التسجيل في الأسبوع الأول خاصة إزاء ضعف الحملات التحسيسية .
وقد سجلنا نسبة حضور قدرها 20.89% لممثلي الأحزاب والمجتمع المدني وقائمة مستقلة وملاحظ دولي لمراقبة عمليات التسجيل وهي نسبة ضعيفة.
واعتبارا إلى أن القانون الانتخابي يسمح بالتسجيل لفائدة الغير وهم على سبيل الحصر القرين والأصول والفروع حتى الدرجة الثانية فإننا لم نسجل سوى نسبة 23.09% حالات تسجيل لفائدة الغير وربما يعود ذلك إلى غياب المعلومة عن المواطن بخصوص هذه الآلية كما تم معاينة 11.04 % كنسبة رفض تسجيل لفائدة الغير وهو رفض قانوني بسبب عدم الاستظهار ببطاقة التعريف الوطنية الأصلية أو ما يثبت صلة القرابة بين الزوج والزوجة.
وما يمكن ملاحظته أن الإقبال على التسجيل كان دون المأمول رغم حملات التحسيس التي قامت بها الهيئة وكذلك المجتمع المدني والإعلام مع الإشارة إلى أن الحملات التحسيسية لم تنطلق إلا بعد فتح باب التسجيل لا قبله لتوعية الناخبين بأهمية انخراطهم في المسار الانتخابي ونشير في هذا الصدد بأن مرصد شاهد كان تقدم منذ سبتمبر 2013 بمشروع قانون لتسجيل الناخبين للمجلس الوطني التأسيسي وتم تبنيه من قبل مجموعة من النواب وذلك بغرض مناقشته والمصادقة عليه قبل القانون الانتخابي وذلك اعتقادا من المرصد بأن المصادقة على الدستور ثم القانون الانتخابي ستتطلب الكثير من الوقت نظرا للتجاذبات السياسية العديدة التي عرفتها البلاد ورغم محاولة المرصد بعد المصادقة على الدستور وعقد ندوة صحفية في الغرض إلاّ أن المجلس الوطني التأسيسي لم يستجب لذلك ولو فعل لكان بالامكان فتح فترة التسجيل في وقت مبكر (مارس أو أفريل على أقصى تقدير) وفي ظروف مناخية أفضل خاصة أن عملية التسجيل هي بالأساس عملية إدارية تقنية خلافا للقانون الانتخابي الذي هو قانون سياسي بامتياز وعلى كل فقد تمكنت الهيئة من تسجيل 1029562 ناخب خلال الفترتين المذكورتين أعلاه مما يجعل جملة المسجلين يبلغ 5285136 وذلك بإضافة المسجلين إراديا لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي سنة 2011.
كما أنه من المهم الإشارة إلى أن نسبة المسجلين من الإناث سنة 2014 تقدر بـ 50.5%.
ومن الاخلالات المسجلة حرمان المواطنين المتواجدين بمراكز الإيقاف أو داخل السجون من التسجيل والحال ان القانون لايحرم سوى الصادر ضدهم حكم تكميلي في هذا الشأن من ممارسة حق الانتخاب ويجب التفكير مستقبلا في توفير مكاتب خاصة تحت إشراف الهيئة داخل السجون ومراكز الايقاف لا حرمان الالاف من المواطنين بدون موجب قانوني من ممارسة حقهم.
تقديم الترشحات:
لقد ضبط القانون الانتخابي حق الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب لكل من تتوفر فيه جملة من الشروط وهي أن تكون له صفة الناخب وأن يكون تونسي الجنسية منذ 10 سنوات على الأقل وأن يكون بالغا من العمر 23 سنة كاملة على الاقل في تاريخ الترشح وألا يكون مشمولا بأي صورة من صور الحرمان القانونية (الفصل 19) ويشترط الفصل 20 من نفس القانون على بعض الأصناف( القضاة ، رؤساء البعثات والمراكز الديبلوماسية والقنصلية والولاّة والمعتمدون الأول والكتاب العامون للولايات والمعتمدون والعمد ) للترشح تقديم إستقالتهم أو إحالتهم على عدم المباشرة ،إضافة إلى أنه لا يمكنهم الترشح في آخر دائرة إنتخابية مارسوا فيها وظائفهم المذكورة لمدة سنة على الأقل قبل تقديم ترشحهم . ويعدّ هذا الشرط معقولا إحتراما لمبدأ الفصل بين السلط إلا أن قرار الهيئة إستثناء المسجلين في الفترة الثانية الممتدة من 05 إلى 26 أوت 2014 من حق الترشح أثار جدلا واسعا وفتح باب الطعون لدى المحكمة الإدارية والتي كانت القرارات في شأنها متباينة بحسب الدائرة المتعهدة وهو ما يستوجب ربما التفكير في تركيز محكمة إنتخابية للنظر في كل النزاعات قصد توحيد فقه القضاء وعدم التمييز بين الطاعنين بحسب الدائرة المتعهدة وأخيرا فإنه وبإنتهاء آجال الطعون تم قبول 1326 قائمة ( حزبية وآئتلافية ومستقلة ) خاضت الإنتخابات التشريعية وهو عدد كبير مقارنة بعدد السكان مما ساهم في إرباك الناخبين علاوة على إهدار المال العام سيما أن الكثير من القائمات المترشحة لم تقم بأية حملة إنتخابية ولا بتعليق أي بيان إنتخابي.
الحملة الإنتخابية :
إنطلقت الحملة الإنتخابية في 04 أكتوبر 2014 لتختتم في 24 من نفس الشهر .
وقد بدأت الحملة بوتيرة جدّ ضعيفة خاصة وأنها تزامنت مع عيد الإضحى ونزول أمطارغزيرة في العديد من جهات الجمهورية إلا أن النسق إرتفع في أواسط الأسبوع الثاني .
وقد دارت الحملة الإنتخابية عموما في اجواء سليمة عدى بعض الخروقات مثل تمزيق المعلقات ووضع اللافتات في غير الأماكن المخصصة لها من قبل البلديات وعقد إجتماعات دون إعلام الهيئة مسبقا قبل 48 ساعة وإستغلال الحملة من قبل الاحزاب التي لها مرشح للإنتخابات الرئاسية للقيام بحملة إنتخابية قبل أوانها لفائدته كما تم تسجيل بعض المناوشات اللفظية بين بعض أنصار الأحزاب المترشحة ولكن رغم كونها حالات معزولة فقد تم تسجيل بعض حالات عنف جسدي ومادي وكذلك محاولات منع حزب معين من عقد إجتماعه الإنتخابي .
وما يمكن إستخلاصه من خلال الحملة الإنتخابية فإن الأحزاب التي لا تمتلك المال حصرت حملتها الإنتخابية في التواصل المباشر مع المواطنين سواء في الأسواق الاسبوعية أو المقاهي أو من الباب الى الباب في حين ان الاحزاب الكبيرة تمكنت من عقد العديد من الإجتماعات وهو ما يطرح في المستقبل وجوب الترفيع في التمويل العمومي علما بأن القانون الإنتخابي يخوّل إضافة للتمويل العمومي ، التمويل الذاتي والتمويل الخاص وهذان الصنفان ليسا في متناول كل الاحزاب .
وبالنسبة لمراقبة التمويل والإعلام خلال الحملة الإنتخابية فإن تنسيقية شاهد تنتظر إستكمال تقريري كل من شريكيها وهما جمعية الشفافية أوّلا ومرصد المواطن للإعلام واللذين سيتم تضمينهما في التقرير النهائي.
يوم الإقتراع:
يمكن القول بأن جل مراكز الإقتراع فتحت للناخبين في الوقت المحدد عدى بعض الإستثناءات ( مركز سبيطلة الحبابشة والقصرين جدليان 2 ومركز بجاوة 2 وسيدي ثابت المكتب عدد 2 ومركز إقتراع نهج مرسيليا ومراكز الإقتراع الحدودية )، والتي تاخر فتحها بين الساعة و أربعين دقيقة إلى الساعتين و35 دقيقة عن الوقت المحدد كما تم رصد جملة من المخالفات طبقا للنسب التالية :
*أنشطة دعائية داخل وخارج مراكز الإقتراع 34 بالمائة .
* تخويف أو مضايقة الناخبين من التصويت 10 بالمائة .
*شراء الأصوات 9 بالمائة .
إنتخاب جماعي 7 بالمائة .
• عدم تدخل الامن عند الضرورة
• حرمان الناخبين من التصويت 7 بالمائة .
• إضطراب او عنف داخل مكاتب الإقتراع 6 بالمائة .
• خلوات لا تتوفر فيها الشروط القانونية 5 بالمائة .
• التصويت بدل المعوقين 5 بالمائة .
كما رصدت تنسيقية شاهد بعض المخالفات تمثلت في :
• توجيه الناخبين للتصويت لفائدة قائمة معينة من طرف بعض رؤساء وأعضاء مكاتب الإقتراع ( مدرسة أولاد فرحان ومدرسة القطرانية بالقيروان .
• مغادرة رئيس مكتب إقتراع للمكتب والقيام بحملة إنتخابية لفائدة حزب معين .
• رصد محاولات شراء أصوات الناخبين بالمدرسة الإبتدائية حي المنارة بقابس وبمعتمدية ملولش بالمهدية وبمنطقة الذهيبة وبمدرسة التربية بالقيروان .
• الإستعانة بمرافق لأشخاص غير حاملين لبطاقة إعاقة بمركز العمايرية بالزهور .
• دعاية حزبية خارج مراكز الإقتراع بجماّل بالمركز الإنتخابي الهداية وذلك برفع الاعلام والقمصان .
وتتجه الملاحظة بأن أكبر عدد من المخالفات تم تسجيلها بالدوائر الإنتخابية التالية : قابس (30مخالفة ) ونابل1 (14 مخالفة ) والمهدية ( 12 مخالفة ) وسيدي بوزيد ( 10 مخالفات ) والمنستير (8 مخالفات ) .
وفي الختام فإنه رغم النقائص و الإخلالات والتجاوزات والتي يمكن أن تفتح باب الطعون لدى القضاء .فإن إنجاز الإنتخابات التشريعية الأولى بعد المصادقة على الدستور يعدّ إنجازا عظيما لتونس وذلك ببداية ترسيخ التداول السلمي على السلطة والقبول بنتائج الصندوق .
ولا بدّ هنا من الإشادة بجهود كل من ساهم من موقعه في إنجاح هذه الإنتخابات من الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات والحكومة والجيش والامن بكل تشكيلاته والمجتمع المدني .
وستتقدم تنسيقية شاهد في تقريرها النهائي بجملة من التوصيات خاصة فيما يتعلق بالجانب القانوني كي تكون الإنتخابات المقبلة متناغمة أكثر مع المعايير الدولية.
تنسيقية شاهد

ترك تعليق

E-Mail Adresse wird nicht veröffentlicht.


*