نشاط المرصد

التقرير الأولي حول الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية 21/12/2014

المقدمة :
لقد شكل الدور الثاني للانتخابات الرئاسية نهاية فترة انتقالية اتسمت بالعديد من الأزمات والمخاطر إن كان على المستوى السياسي والأمني والاجتماعي والاقتصادي أزمات ومخاطر كانت تنذر أحيانا بالانزلاق بالبلاد إلى انتكاسة مسار الانتقال الديمقراطي ودخولها إلى أتون العنف خاصة أمام وضع إقليمي ودولي متقلب.
وبانتهاء هذا المسار الانتخابي وتركيز مؤسسات الحكم المستقرة نجحت تونس في رهان بداية ترسيخ ثقافة الوصول إلى سدة الحكم عبر الصندوق وثقافة التداول السلمي على السلطة.
لكن ونحن في بداية الطريق ورغم الرسالة الإيجابية القوية لنجاح تونس في انجاز الانتخابات في موعدها المحدد وفق الأحكام الانتقالية للدستور، فإنه لابد من تقييم أولي لهذه الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية إن كان على مستوى الإدارة الانتخابية والإعلام والحملة الانتخابية.
 هذا وقد اعتمدت تنسيقية شاهد في هذا الدور الثاني على 3304 ملاحظ موزعين على كل الدوائر الانتخابية إضافة إلى 54 منسقا جهويا وعدد من المنسقين المحليين.
الإدارة الانتخابية :
مثلما عبرنا عنه سابقا فإن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تعتبر أهم مكسب بعد الثورة وقد تحملت مسؤولية ثقيلة وتاريخية في إنجاز ثلاث مواعيد انتخابية في ظرف زمني وجيز وفقا للمواعيد التي اقتضتها الأحكام الانتقالية للدستور في ظل قانون انتخابي جعل منها مشرّعا للعديد من المسائل الجوهرية وهو ما يدعونا إلى ابراز نقاط الضعف التي شابت عمل الهيئة حتى يقع تلافيها في المواعيد الانتخابية المقبلة (البلدية والجهوية وكذلك الرئاسية والتشريعية).
ولعل أهم مأخذ على الهيئة في هذا الدور الثاني للرئاسية قرارها المفاجئ قبل 3 أيام من يوم الاقتراع والقاضي باستبعاد الملاحظين المحليين والدوليين وممثلي المترشحين من ساحات مراكز الاقتراع وقد كان قرارا أحادي الجانب، ورغم الاعتراض عليه سواء من تنسيقية شاهد أو من بقية المراصد فإن الهيئة تمسكت بقرارها معللة ذلك بالخوف من التشنج الذي يمكن أن يحصل بين ممثلي المترشحين، والحال وإنّ  تنسيقية شاهد رصدت عديد الخروقات في ساحات مراكز الاقتراع في التشريعية والدور الأول للرئاسية (الدعاية الانتخابية في صفوف الناخبين من قبل ممثلي بعض الأحزاب والمترشحين وذلك تحت أنظار بعض رؤساء المراكز والمكاتب الذين لم يحرّكوا ساكنا، بل إنّ بعضهم لم يكن محايدا)، فقد كان على الهيئة إعطاء توصيات صارمة لرؤساء المراكز والمكاتب بتطبيق القانون على الجميع وبتخصيص مكان لممثلي المترشحين وللملاحظين المحليين والدوليين في ساحات مراكز الاقتراع على مسافة معقولة من صفوف الناخبين.
وقد لاحظت تنسيقية شاهد في الدور الأول للرئاسية غياب الحياد لدى عدد كبير من أعضاء ورؤساء المكاتب والمراكز، وبذلك يكون القرار الذي أقصى  الملاحظين من ساحات المراكز في الدور الثاني من شأنه أن يضاعف الشكوك بشأن شفافية العملية خصوصا فيما يتعلق بالتأثير على الناخبين من طرف بعض الأعضاء في الساحات وقد نبهت التنسيقية إلى تعمد بعض رؤساء المراكز حرمان ملاحظيها على وجه الخصوص من دخول ساحات المراكز مع السماح لغيرهم من ملاحظي المراصد الأخرى أو بحرمانهم من الانتقال من مكتب إلى آخر في حين أن أغلبهم كانوا ملاحظين متنقلين.
ولابد من الإشارة إلى أن القرار المذكور للهيئة مخالف لما جاء بدليل إجراءات الاقتراع والفرز الصادر عنها وقد سجلت تنسيقية شاهد يوم الاقتراع أن قرار الهيئة لم يطبق إلا على الملاحظين المحليين إذ سمح للملاحظين الدوليين بالتجول بكل أريحية في ساحات مراكز الاقتراع (مركز ساحة الجمهورية – الزهراء بن عروس) بل وأدهى من ذلك فإن تطبيق ذلك القرار اختلف من مركز إلى آخر وبلغ حد منع بعض ملاحظي التنسيقية من الدخول أصلا إلى مراكز الاقتراع (منع ملاحظينا من الدخول لمركز فتح الله 1 جبل الجلود – مركز سيدي مسعود مرناق  كذلك مركز دجبة بباجة وحيدرة 1 بالقصرين ) وكذلك منع بعضهم من التحول من مكتب إلى آخر (مدرسة قصر السعيد 1باردو- مدرسة بثينة بن طاهر بساقية الدائر صفاقس) علما بأن ملاحظي التنسيقية تعرضوا كذلك إلى الهرسلة في الدور الأول وصلت إلى حد الاعتداء بالعنف.
وهكذا يتضح بأن جزء من العملية الانتخابية تم بعيدا عن مراقبة المجتمع المدني خاصة أن نسبة هامة من الخروقات تقع في ساحات مراكز الاقتراع (دعاية انتخابية – تأثير على الناخبين – عدم حيادية بعض رؤساء مراكز الاقتراع).
وهذا ضرب لشفافية العملية الانتخابية ومخالفة لما جاء بدليل إجراءات الاقتراع والفرز الصادر عن الهيئة وكذلك للمعايير الدولية لضمان شفافية الانتخابات وهنا لابد من الإشارة إلى أن مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية كان تقدم منذ سبتمبر 2013 إلى المجلس الوطني التأسيسي بمشروع قانون لتسجيل الناخبين تضمن كذلك بابا كاملا ب11 فصلا لتقنين عملية الملاحظة والملاحظين وأهم ما جاء فيه حقوق وواجبات الملاحظين ومن ذلك حق كل منظمة غير حكومية معتمدة الطعن لدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أو المحاكم المختصة بهدف معاقبة أي خرق للقانون الانتخابي إلا ان المشروع لم يجد آذانا صاغية وبقيت وضعية الملاحظين هشة ورهينة ليس فقط بقرارات الهيئة بل وخاصة برغبة رؤساء مراكز ومكاتب الاقتراع.
وهو ما يدعو في إطار التوصيات التي سيتضمنها التقرير النهائي بمطالبة المجلس التشريعي الحالي بتقنين عملية الملاحظة دعما لدور حقيقي وفعلي للمجتمع المدني في ضمان نزاهة وشفافية الانتخابات حتى يصبح شريكا فاعلا للإدارة الانتخابية مع الإشارة إلى أن ضعف عدد مراقبي الهيئة في هذه الانتخابات نسبة إلى عدد مراكز الاقتراع كان يحتم عليها الاستعانة بملاحظي المجتمع المدني الذين يتجاوز عددهم مراقبي الهيئة إضافة إلى أن حضور المجتمع المدني وممثلي المترشحين في كامل مراحل العملية الانتخابية يوجه رسالة طمأنة للجميع (مترشحين وناخبين) على مصداقية وشفافية الانتخابات.
الحملة الانتخابية :
مثلما كان متوقعا حسب الأجواء المشحونة بعد صدور نتائج الدور الأول فقد تميزت الحملة الانتخابية التي امتدت من 9 إلى 19/12/2014 بخطاب متشنج اعتمد التقسيم بين التونسيين على أسس جهوية وإيديولوجية وكادت الأمور تنزلق إلى مالا يحمد عقباه لولا التقاء رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بكل من المترشحين والدعوة التي وجهها المجتمع المدني وبعض العقلاء لترشيد الخطاب مما جعل حدة الخطاب وتشنجه تنخفض نوعا ما في الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية وقد رصدت تنسيقية شاهد بعض التجاوزات خلال الحملة الانتخابية تتمثل بالأساس في تمزيق المعلقات الخاصة بكلا المترشحين (الفصل 62 من القانون الانتخابي) وعدم إعلام الهيئات الفرعية بالاجتماعات المزمع عقدها ( الفصل 64 من القانون الانتخابي).
وما يمكن ملاحظته أن الحملة الانتخابية اتسمت بالفتور في داخل الجمهورية عدا الاجتماعات التي يشرف عليها كل من المترشحين أو فريق حملته.
الإعلام :
لقد مثلت بعض وسائل الاعلام النقطة السوداء في هذا الدور الثاني وذلك بتحدي القانون الانتخابي بخصوص الالتزام بالحياد والمساواة وضمان تكافئ الفرص بين جميع المترشحين ( الفصل 52 من القانون الانتخابي )فكانت تقوم بالإشهار السياسي لهذا المترشح أو ذاك وتشويه المترشح الآخر ولم تكن الخطايا المالية التي تتخذها الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري كفيلة بردع بعض وسائل الإعلام التي واصلت خرق القانون إلى نهاية الحملة الانتخابية.
كما أنه ومثلما هو الحال في الانتخابات التشريعية والدور الأول من الرئاسية فإن وسائل الاعلام بما في ذلك العمومية تعمدت خرق القانون الانتخابي (الفصل 70) وذلك بنشر نتائج سبر الآراء مباشرة بعد غلق مراكز الاقتراع بالداخل والحال أن عملية التصويت لازالت متواصلة بالخارج (فترة الصمت الانتخابي)وفي تحد صارخ للدعوات الصادرة عن الهيئة لاحترام القانون الانتخابي بخصوص هذه النقطة وهنا لابد من الملاحظة بأن عمليات سبر الآراء ونشرها له عديد الإيجابيات ومتعارف عليها في الديمقراطيات العريقة إلا أن منعه صلب القانون الانتخابي يعود إلى غياب إطار تشريعي ينظم شركات سبر الآراء لضمان شفافية عملها واستنادا على معايير موضوعية وهو ما يستوجب إيجاد هذا الإطار التشريعي من قبل مجلس نواب الشعب.
أهم التجاوزات المرصودة يوم الاقتراع:
1. شراء الأصوات (مركز أولاد المبروك ملولش – مركز 2 مارس 1934 سيدي بوزيد – مركز الظاهري سليمان- مركز حي العريفة منزل جميل بالدكان المقابل للمركز وقد تدخل الأمن وقام بواجبه – مركز حيدرة 1 القصرين – مركز بئر الباي سيدي بوزيد – مركز الطاهر صفر ومركز أولاد سعيد).
2. نقل جماعي للناخبين وهو ما يعتبر قرينة على شراء الأصوات (مركز 20 مارس ببنّان – مركز أولاد عبد الله ملولش بواسطة سيارة نقل ريفي رقم 107 تونس 8420 وسيارتين معدتين للكراء رقم إحداهما 170 تونس 9472).
3. دعاية انتخابية
خارج مراكز الاقتراع (مركز الأمل بالوردنين – مركز باش حامبة 2 معتمدية الزهور- مركز رياض الأندلس أريانة بواسطة سيارة رقم 155 تونس 5071 –مركز الياسمينات 2 مارس – مفترق مدرسة 23 جانفي بطبلبة من طرف نائب بمجلس نواب الشعب – مدرسة حشاد الرجيش بواسطة سيارة رقم 37 تونس 4990 – مركز حيدرة 1 – مركز حي النهوض غار الدماء- المدرسة الابتدائية رادس مليان بواسطة سيارة كيلو سوداء اللون رقم 125 تونس 2743.
4. عدم التزام بعض رؤساء وأعضاء مكاتب الاقتراع بواجب الحياد
– رئيس المكتب عدد 4 بمدرسة الحبيب بورقيبة باردو يقوم بطرد ممثل أحد المترشحين دون أي سبب.
– أعضاء مدرسة النخيل بقصر السعيد يستنفرون ممثل أحد المترشحين.
5. التصويت في مكان الناخبين
– الناخب صاحب بطاقة التعريف الوطنية 0131910 ورقمه 257 في سجل الناخبين بالمكتب عدد 2 بالمدرسة الابتدائية صالح واردة بصفاقس الجنوبية وجد إمضاء غير إمضائه وسمح له بالانتخاب بعد تدخل أعضاء الهيئة ويبقى السؤال من الذي صوّت مكانه.
– نفس الاشكال وقع بمدرسة 2 مارس 1934 بقصر السعيد وقد سمح للناخبة بالاقتراع فمن صوّت مكانها؟
بعض النسب للمخالفات المرصودة:
1) الدعاية الانتخابية 25 %
2) شراء الأصوات 13 %
3) الانتخاب الجماعي 12  %
وقد تم تسجيل الخروقات خاصة بالدوائر التالية : نابل 1 – بن عروس – صفاقس 2 – بنزرت – المنستير.
ختاما :
فإن تنسيقية شاهد تعتبر أن استكمال المسار الانتخابي تحت إشراف هيئة دستورية مستقلة هو إنجاز لا يستهان به رغم الخروقات والنقائص التي شابته والتي يعود جزء كبير منها إلى ثغرات القانون الانتخابي وضغط الوقت والأكيد أن جميع الأطراف المتداخلة ستقوم بتقييم شامل لكامل المسار الانتخابي وتقدم المقترحات والتوصيات لتلافي الأخطاء .
رئيس تنسيقية شاهد
ليلى بحرية

ترك تعليق

E-Mail Adresse wird nicht veröffentlicht.


*